المؤرخ الشيخ مقبل بن عبدالعزيز بن مقبل الذكير رحمه الله

ولد في المدينة المنورة 1300 هـ (الموافق 1882 م) و تعلم في عنيزة مبادئ القراءة والكتابة و الحساب, و توفي في 23 جمادى الأول 1363 هـ (الموافق 1941 م)

الشهير الشيخ مقبل بن عبد العزيز الذكير (المؤلف) هو ابن أخت فخر التجار الشيخ مقبل بن عبد الرحمن الذكير رحمهم الله جميعاً. يعد من علماء نجد الذين كان لهم دوراً كبيراً في الترجمة والكتابة والتأليف. ولد عام 1300 هجري في المدينة المنورة وتعلم في عنيزة مبادئ القراءة والكتابة والحساب، وكان خطهُ جميل سليماً من الأخطاء الإملائية. أخذه خاله الشيخ مقبل بن عبد الرحمن الذكير إلى الكويت عند صديقه الشيخ يوسف اَل إبراهيم ليتعلم الكتابة مع أولاده حيث استمر في تلقي العلم هناك وكان شاهداً على أحداث سياسية كثيرة كونت علمه المتقدم وصقلت مواهبه في علم التاريخ. كان في زمن قدومه للكويت الشقاق والخلاف الذي وقع بين مبارك الصباح وأخويه محمد وجراح، والذي انتهى بقتل مبارك لأخويه المذكورين، وكان الشيخ يوسف آل إبراهيم (صديق خاله) له يد كبيرة، ومشاركة في وجود هذا الخلاف، لعلاقة صهر مع محمد آل صباح، وبعد مقتلهما غادر الكويت ليدبر المكائد لمبارك الذي فتك بأخويه. بعد قفل بيت الشيخ يوسف آل إبراهيم في الكويت، سافر إلى البحرين، ونزل في بيت خاله الشيخ مقبل بن عبد الرحمن الذكير، مواصلاً تعليمه، وكان بيت خاله في البحرين بالرغم من أنه بيت تجاري كبير، إلّا أنه أيضا ناد علمي وأدبي، يقصده العلماء والأدباء، لا سيما الدعاة الذين ندبهم رحمه الله ليكافحوا التنصير.

انتقل للبحرين وتربى ونشأ في منزل خاله وتلقى العلوم المختلفة وعاصر الحالة الثقافية التي قادها خاله وبعض أهالي البحرين وتأثر كثيراً بتجارة اللؤلؤ. في عام 1343هـ عين الملك عبد العزيز آل سعود المترجم مديراً لمالية الأحساء؛ فعمل على تنظيم الشؤون المالية، وترتيب دفاترها وسجلاتها، واستعان على عمله بتنظيم الشؤون المالية، وترتيب دفاترها وسجلاتها. عاش بالبحرين وتوفي بها في عام 1941 م.

حيث أصدر لاحقاً مجلدات وتاريخ أصبحت مع الزمن مرجعاً لكثير من الأحداث في نجد والحجاز والمملكة العربية السعودية والبحرين والخليج العربي. حيث أن الملك سلمان بن عبد العزيز اَل سعود عندما كان أمير الرياض سابقاً (رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز) حفظه الله ورعاه, استشهد واستند بكثير من تاريخه في رسالته للجريدة بخصوص علاقة اَل سعود واَل صباح  (الرد على سعاد الصباح) في جريدة الراي الكويتية 13 يناير 2008 م. 

كان له تعاملات كثيرة مع الهند تجارياً ومراسلات تخصه وتخص خاله والأحداث السياسية ولكن لا يوجد لدينا شواهد ومآثر واضحة بهذا الخصوص لكن تم وصف العلاقة مع الهند من قبل أعلام كالشيخ الخنجي وخير الدين الزركلي. له مراسلات عدة بواسطة وكلائه بالهند وقال عنه الشيخ الخنجي "كان تاجراً كبيراً متعلماً، له مراسلات بواسطة وكلائه في الهند وشرق إفريقيا وأوروبا أيضاً". قال عنه خير الدين الزركلي في موسوعة (الأعلام): "إنه سافر من عنيزة إلى الكويت سنة 1914 ودرس فيها، وإنه عمل بالتجارة في البحرين إلى جوار خاله الشيخ مقبل بن عبد الرحمن، وصار يتنقّل بين العراق والهند والبحرين، وإنه في أواخر العشرينات، اختير مديرا لمالية الأحساء خلفا لمحمد أفندي، وسلفا لمحمد الطويل، وإن تاريخ نجد الذي كتبه مخطوطا من ثلاثة أجزاء محفوظ في مكتبة جامعة بغداد".

كان من السباقين في تأريخ أحداث الجزيرة العربية, حيث لا يقتصر هذا التاريخ على نبذ من تاريخ كل قرية و بلدة من قرى المملكة عامة و قرى نجد خاصة فحسب, بل ما عايشه و ما شاهده من أحداث في مجالس الملك عبدالعزيز و بعض رحلاته, وما حصل عليه من بنود و اتفاقيات سياسية في غاية الأهمية (سواء مع دول خارجية كالعراق و الأردن و اليمن أو داخلية تتعلق بأحداث القصيم و الحجاز , والجنوب) اعتمد عليها أشهر المؤرخين المعاصرين أمثال الدكتور/ عبدالله بن صالح العثيمين في مؤلفه الشهير "تاريخ المملكة العربية السعودية" الذي بلغ عدد مرات استشهاده بتاريخه 206 مرة, كما اعتمد على تاريخه كثير من القبائل و الأمصار في الجزيرة العربية و التي تستشهد بكثير منه.

 

جرب حظه رحمه الله في التجارة بعد تدربه مع خاله لسنوات، إلا ان اهتمامه الأكبر كان ينحو نحو مطالعة الكتب الأدبية والتراثية والتاريخية، مما ساهم إلى حد كبير في صرف ما تتطلبه الأعمال التجارية من اهتمام، ومعطياً جل اهتمامه لكتابة تاريخه الشهير المكون من ثلاثة نسخ:

النسخة الأولى: عبارة عن مسودة من مئات الصفحات من الحجم الكبير.

 

النسخة الثانية: عبارة عن 4 دفاتر كانت أصولها محفوظة بخطه في مكتبة الحرم المكي الشريف بمكة المكرمة. ومن حسن الطالع أن قام الشيخ/ عبدالله العبدالرحمن البسام ان كلف 3 أشخاص بنسخها. وذلك قبيل حركة جهيمان التي كانت من نتائجها الوخيمة احتراق و تلف معظم المجلدات و المخطوطات الثمينة بما فيها المخطوطة الأصلية لتاريخ مقبل الذكير بخط يده.

 

النسخة الثالثة: قام بنقلها أحد أصحابه الحميمين إلى العراق بهدف طبعها و نشرها هناك تجنبا لما قد يلاقيه من مصاعب ان حاول طبعها في بلده لما تحتويه من صريح التاريخ. إلا أن الجمارك العراقية ما أن وجدتها في حقائب ذلك الصديق, حتى قامت بمصادرتها و إرسالها إلى المختصين في بغداد الذين ما إن تطلعوا عليها حتى عرفوا قيمتها التاريخية الوثائقية, فقدروها حق قدرها بالاحتفاظ بها بمكتبة الدراسات العليا بقسم التاريخ في كلية أداب بغداد. وتلك النسخة هي الأشهر و الأكثر شيوعاً بين المهتمين والدارسين لتاريخ المملكة العربية السعودية لدرجة ان شكلت محور دراسة رسالة الحصول على درجة الماجستير للطالب سعود بن تركي التركي تحت إشراف الدكتور محمد بن ثنيان الثنيان, و لا تزال محفوظة في ارشيف "الدراسات العليا بقسم التاريخ بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز".

للأسف لم تطبع كتبه ولها قصص كثيرة, ويعتقد والله أعلم لو طبعت لكانت من أوائل الكتب في تاريخ المملكة العربية السعودية حتى حقبت الثلاثينات الميلادية. نشر وكتب عنه الكثير ومنها ما كتبه في جريدة الشرق الأوسط الأستاذ عبدالرحمن الحمد الشبيلي رحمه الله:

والتالي ماكتبه الأستاذ القدير عبدالرحمن الصالح الشبيلي رحمه الله والمتوفي في عام 2019 م

والمنشورة في جريدة الشرق الأوسط الأحد 23 ذو الحجة 1423 ه 20 نوفمبر 2011 العدد 12045 في حديثه عن الشيخ المؤرخ مقبل بن عبدالعزيز الذكير

فإنه مُقبل عبد العزيز الذكير (المتوفٌى عام 1941 عن ثلاثة وستين عاما)، وهو الأشهر في ميدان التاريخ، وتذكر بعض المصادر أن والده ربما كان ممن شارك في معركة المليدا بالقصيم (1891).

له مخطوط نشر بشكل محدود، ولم يحقق بأكمله بعد، وهو بعنوان: «مطالع السعود في تاريخ نجد وآل سعود». قال الشيخ عبد الله عبد الرحمن البسام - الذي وضع هذا المخطوط ضمن موسوعته (خزانة التواريخ النجدية، الجزء السابع 1999) - إن مسوّدة المخطوط كانت محفوظة في مكتبة الحرم المكي الشريف، وإن مؤلفها قد قام قديما بتبييضها في نسختين، اختفت الأولى في المملكة، أما الثانية فقد حملها محمد الحمد القاضي إلى العراق بهدف طبعها لكنها صودرت على الحدود، وقد أثنى البسام على أسلوبه وعلى موضوعيّته في تحليل الأحداث، كما نقل البسام عن الشيخ محمد العبودي أن للذكير مخطوطة لمعجم عن بلدان نجد موجودة في جامعة بغداد، وكان الشيخ البسٌام المتوفّى عام 2003، قد ترجم للذكير مفصّلا في موسوعته: «علماء نجد خلال ثمانية قرون».

قال عنه خير الدين الزركلي في موسوعة (الأعلام): «إنه سافر من عنيزة إلى الكويت سنة 1914 ودرس فيها، وإنه عمل في التجارة في البحرين إلى جوار خاله مُقبل عبد الرحمن، وصار يتنقّل بين العراق والهند والبحرين، وإنه في أواخر العشرينات، اختير مديرا لمالية الأحساء خلفا لمحمد أفندي، وسلفا لمحمد الطويل، وإن تاريخ نجد الذي كتبه مخطوطا من ثلاثة أجزاء محفوظ في مكتبة جامعة بغداد».

وقد أوردت مراجع عدة أشكال التجارة التي كان يمارسها، ومن بينها على سبيل المثال، المشاركة في تأسيس شركة بحرينية للسيارات والمركبات البحرية 1923، على أن بعض النقولات تخلط أحيانا بينه وبين خاله مقبل، الأوسع منه من حيث النشاط التجاري.

وذكر العلامة حمد الجاسر في كتاباته التي نشرها في مجلته «العرب» وفي جريدة «الرياض»، أن الذكير لا يكتفي في تاريخه بالنقل ممن سبقه، ولكنه قد ينقد معلوماتهم، وبخاصة ابن بشر وابن غنّام، وأن كتابه من أوفى الكتب في مجالها، إلا أنه لا يخلو من الأخطاء المطبعية بالذات رغم جودة خطه، وقد عدّه الشيخ الجاسر ضمن مؤرخي نجد في القرن الماضي، وكتب نبذة عن سيرته. ونشر الدكتور محمد الشويعر بحثا مستفيضا من جزأين عن سيرته (مجلة الدارة 1978)، بدأه بالحديث عن مكانة الذكير بين تجار البحرين، وعن الملاءة المالية والأمانة التي اشتهر بها الاسم التجاري حتى صار يضرب بها المثل، ثم اتجه للحديث عن تاريخ مقبل عبد العزيز، محلٌلا ما كتبته المراجع المحلية عنه، ومسبّبا تعدد التسميات المبدئية التي اختارها مُقبل لتاريخه، حيث كان تاريخ الذكير هذا كما يعرّف أحيانا، قد ورد، قبل اعتماد عنوانه الأخير، تحت عناوين مؤقتة مختلفة منها: «العقود الدريّة في تاريخ البلاد النجدية» (السوابق)، و«العقد الممتاز لأخبار نجد وتهامة والحجاز»، ثم امتدح د. الشويعر أسلوب الكتاب وتنوٌع مصادره، وسعة أفق المؤلف ومعارفه، وأن حوادث الكتاب المكوّن من نحو ستمائة صفحة في ثلاثة أجزاء، تنتهي عند الثلاثينات من القرن الميلادي الماضي.

إلا أنني لم أجد فيما كتب عنه، ما يؤكّد معلومة تفترض أن نسخة بغداد هي المنقّحة التي صودرت، وأنها تختلف أو تتفق مع تلك التي أدرجها الشيخ البسّام ضمن موسوعته: خزانة التواريخ النجدية، المكوّنة من قرابة ثلاثين تاريخا طبعها في نحو عشرة مجلٌدات، محفوظة لدى دارة الملك عبد العزيز بالرياض

رحم الله الشيخ المؤرخ مقبل بن عبدالعزيز الذكير , وندعو الله أن نرى كتبه (مطالع السعود في مطبوعه لينتفع الناس بها, وكما ندعو دارة الملك عبدالعزيز أن يكون لها دور في طباعة كتبه, حيث أنها تمثل تاريخ المملكة العربية السعودية وهو شاهد على العصر ولايستغرب دور الدارة ولا قادتنا وولاة أمرنا حفظهم الله ورعاهم في التوجيه في هذا الخصوص للوصول لأفضل النتائج).